الذكاء الاصطناعي.. والمخاوف من Google Duplex

انسخ الرابطhttps://r.rtarabic.com/k8at

خلال العقود الخمسة الماضية، كانت المخاطر التي دأب كثيرون على التحذير منها هي الانفجار السكاني، نقصان المصادر الطبيعية والمعادن، التلوث البيئي، واحتمال وقوع حرب نووية.. أما اليوم ومع التطور الهائل في مستوى التكنولوجيا وتطبيقاتها، فقد تحول الأمر إلى أخطار أخرى؛ روبوتات سيصل ذكاؤها إلى درجة تسمح لها باستعبادنا، بخاصة مع قدرات الذكاء الاصطناعي، أو فيروسات حاسوبية مدمرة توقف الإنترنت عن العمل.

 

الذكاء الاصطناعي هو الموضة الجديدة التي يدور الحديث حولها في كل المجالات، في أجهزة الهواتف الذكية، في الأجهزة المنزلية، في التلفزيونات، في الأسلحة، وأيضاً في السيارت الذكية، التي يفترض أن تنتشر قريباً في شوارع مدننا من دون سائقين.. القلق الحقيقي، وفق بعض الخبراء، هو أنه وبحلول العام 2075، سـتصل آلات مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى الإنسان تمكنها من اتخاذ قرارات بشكل ذاتي، من دون العودة إلى أي مرجعية بشرية.

 

الإنجازات التي أعلنت عنها غوغل في مؤتمرها Google I/O 2018 أثار موجة من الإعجاب والتفاؤل بمستوى التقدم الذي وصلته مجالات الإلكترونيات والبرمجيات من جانب، وموجة من الانتقادات من قبل بعض المراقبين الذين رأوا في الأمر تحققاً لما كانوا يحذرون منه؛ آلات أو برمجيات قادرة على التصرف بشكل ذاتي، تتخذ قرارات من دون انتظار تعليمات إضافية من أي إنسان، وفي الوقت ذاته تأخذ هوية شخص قد يبدو للمستمع إنساناً بكل ما في الكلمة من معنى.

Google Duplex كان النقطة المركزية في كل المؤتمر، فهو عبارة عن مساعد إلكتروني (صوتي) يقوم بالاتصال هاتفياً بمحال تجارية أو بمطاعم أو غيرها، ليقوم بحجز خدمة ما بدلاً عن صاحب الهاتف.. كل هذا بصورة طبيعية لا تترك مجالاً للشك بأن المتصل هو شخص عادي وليس برنامجاً حاسوبياً. 

البعض بدأ يتساءل: ماذا لو تم استخدام هذه التكنولوجيا في أمور غير قانونية؟ ماذا لو قام أحدهم بالاستفادة من "دوبليكس" لخداع فنانين أو رجال أعمال أو عمال؟ لتنتقل الأسئلة بعد ذلك إلى ما هو أبعد؛ كيف سيتعامل المجتمع مع تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي؟ هل سيكون مطلوباً البدء على الفور في وضع تشريعات خاصة بكيفية الاستخدام والتعامل والمراقبة لهذه التقنيات؟ ثم هناك النقطة الأكثر إلحاحاً، هذا البرنامج أثبت أنه تجاوز بنجاح امتحان تورنغ.

 

امتحان تورنغ
واضع الامتحان عام 1950 كان عالم الرياضيات الإنجليزي آلان تورنغ.. ويتلخص الامتحان في الطلب من شخص أن يقوم بتوجيه أسئلة إلى طرفين لا يعرف أن أحدهما آلة، وبناء على أجوبة كل منهما، على هذا الشخص أن يحدد أياً من الاثنين كان من البشر وأياً كان الكمبيوتر.. اجتياز امتحان تورنغ من قبل أي آلة (ليمكن وصفها بالذكية 100%) يتطلب أن تكون إجاباتها مقنعة بالنسبة إلى 30% من المحاورين امتحان تورنغ

الأمر لم يكن مفاجئاً، فقد مر عام منذ إعلان الرئيس التنفيذي لغوغل سوندار بيتشاي عن تحول أولوية الشركة من "الموبايل أولاً" إلى "الذكاء الاصطناعي أولاً".. منذ ذلك الحين، استثمرت غوغل بشكل كبير في أبحاث التعلم الآلي Machine Learning، حيث طورت تطبيقات متطورة قادرة على أن تفكر أساساً في نفسها.. مجهودات الشركة في أبحاث الذكاء الاصطناعي أسفرت عن ميزات برمجية جديدة مفيدة بالفعل؛ فتطبيق Photos مثلاً بات قادراً على تحديد الموضوع أو الإطار العام لصورةٍ ما ووضعها في فئة معينة، ويمكنه أيضاً إعادة ترميم صورة قديمة، بتحويلها من صورة بالأبيض والأسود إلى أخرى ملونة، وإصلاح أي جزء متضرر فيها؛ أما تطبيق الأخبار Google News الجديد، فسوف يستخدم الـ AI في اختيار مجموعة من المصادر المختلفة لتقديم الموضوعات التي تهم المستخدم من جانب، والتي تغطي مجالات اهتمامه بشكل أوسع، من جانب آخر.

 

الذكاء الاصطناعي.. والمخاوف من Google Duplex

ما معـنى الذكاء الروبوتي أو الاصـطناعي؟

اختبار مستويات ذكاء برمجيات الـ AI، كانت فكرة قام بتنفيذها فنغ ليو Fing Liu ويونغ شي Yong Shi وينغ لو Ying Liu، وهم باحثون في الأكاديمية الصينية للعلوم في بكـين.. ما وجدوه هو أن النتيجة الأفضل حصل عليها محرك Google، بنسبة ذكاء بلغت 47.28.. لفهم هذه النتيجة المتواضعة، علينا معرفة أن مستوى ذكاء "IQ" طفل عمره 6 سنوات هو في المعدل 55.5، ولشخص عمره 18 عاماً، هو 97.. إذاً، هل تعتبر نتيجة غوغل متدنية؟ الملفت للانتباه هو أن الاختبار ذاته على غوغل قبل 3 أعوام، خرج بنتيجة 26.5؛ ما يعني أن مستوى ذكائه ازداد بقرابة الضعف وفي وقت قياسي.. أما "الذكاء الاصطناعي" فهو قدرة آلات على تنفيذ مهمات تعتبر ذكية إن قمنا نحن بأدائها؛ وهو بذلك مرتبط بحل مشكلات معقدة، لا توجد خوارزمية تسير بخطوات مبرمجة مسبقاً لحـلها؛ مثل التعرف على شكل الأجسام، فَهْم الحديث المسموع، تحديد أمر ما عبر مقارنته بآخر مشابه في بعض العناصر، التعلم عبر أسلوب التجربة والخطأ، وأيضاً إظهار مواصفات متعلقة بالإبداع الذاتي (كرسم لوحة أو كتابة شعر).

 

IBM Deep Blue
عام 1997 فاز كمبيوتر شركة IBM المسمى Deep Blue على بطل العالم في الشطرنج آنذاك غاري كاسباروف IBM Deep Blue

 

IBM Watson
عام 2011 تمكن كمبيوتر آخر يسمى Watson (أيضاً من تصنيع شركة IBM) من التغلب على منافسين من البشر في مسابقة تلفزيونية خاصة بالثقافة والمعلومات العـامة IBM Watson

 

AlphaGo Zero
نظام الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً اليوم هو من إنتاج شركة غوغل ويسمى AlphaGo وتلاه AlphaGo Zero ويمكنه الفوز على أفضـل اللاعبين في العـالم بلعبة Go؛ وهي لعبة اسـتراتيجية صينية قديمة.. البرنامج طـور أساليب واستراتيجيات جديدة في اللعب لم تخطر سابقاً على عقل إنسان AlphaGo Zero

 

مع ما يقدمه Duplex، باتت Google حاليًا في مقدمة الشركات العاملة على تطوير ما يعرف بالذكاء الاصطناعى الطبيعي، وقد تكون قريبة أيضاً من إنشاء إنسان آلي يشبه تصورات إسحق آسيموف في رواياته. والمؤكد اليوم هو أن شركات أخرى مثل آبل وأمازون وفيسبوك ستضاعف جهودها في هذا المجال، لدفع الآلات، وبشكل جماعي، إلى تحقيق إنجازات يصعب التنبؤ بقدراتها.

إياد أبوعوض

إقرأ المزيد
Android أو iOS
Android أو iOS

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا