سلسلة رؤساء الاتحاد الروسي.. دميتري مدفيديف ومواجهة الأزمة المالية

أخبار روسيا

سلسلة رؤساء الاتحاد الروسي.. دميتري مدفيديف ومواجهة الأزمة المالية
انسخ الرابطhttps://r.rtarabic.com/jz9y

في التقرير الثالث من سلسلة التقارير عن رؤساء الاتحاد الروسي، قبيل انتخابات الرئاسة الروسية في 18 مارس الجاري، تطلع RT قراءها على نتائج فترة رئاسة دميتري مدفيديف 2008-2012.

تتخذ فترة رئاسة دميتري مدفيديف مكانة استثنائية في تاريخ روسيا، كأول مرة عين فيها رئيس البلاد الجديد سلفه رئيسا للحكومة.

وقبيل الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2 مارس 2008، اقترح مدفيديف، رئيس الحكومة والمرشح عن حزب "روسيا الموحدة" الحاكم، على الرئيس المنتهية ولايته فلاديمير بوتين، ترؤس حكومة مستقبلية في حال انتخابه، وهذا ما حدث بعد تحقيق مدفيديف فوزا في الانتخابات حاصدا أصوات أكثر من 69% من الناخبين.

وكان مدفيديف، أثناء عهد رئاسة بوتين، مسؤولا عن تطبيق المشاريع ذات الأهمية القومية الخاصة، وطرح، عند توليه مقاليد الحكم، أولويته الرئيسية في توسيع الحريات الاقتصادية والمدنية، حيث قال: "الحرية أفضل من غيابها".

وفي إطار هذا النهج، ركّز مدفيديف في سياساته الداخلية بالدرجة الأولى على حل القضايا الاجتماعية وتحديث اقتصاد البلاد عموما.

وشدد مدفيديف، في رسالته السنوية إلى مجلس الاتحاد الروسي في عام 2009، على ضرورة إنشاء مركز للتكنولوجيات المتطورة في روسيا، على غرار وادي السيليكون الأمريكي، ما أدى إلى بناء مركز سكولكوفو للمبتكرات في ضواحي العاصمة موسكو.

وشهدت روسيا، أثناء فترة حكم مدفيديف، نموا في زراعة القمح وزيارة في الرواتب التقاعدية، وذلك يعتبر أهم نجاحاته الاجتماعية والاقتصادية، بينما لم تؤت الإصلاحات في مجالات أخرى إلا بثمار متواضعة.

وأعلن مدفيديف عند توليه الحكم حملة جديدة لمكافحة الفساد، وفي إطارها قرر في عام 2011 إبعاد المسؤولين الحكوميين عن إدارة المؤسسات والمصارف الحكومية، لكن هذه الجهود لم تكف للقضاء على ظاهرة الفساد، ما انعكس بوضوح بعد انتهاء فترة مدفيديف الرئاسية، حيث تعرض مدفيديف نفسه لاتهامات في هذا المجال من قبل المعارضة الروسية.

وواصل مدفيديف إصلاحات سلفه بوتين في مجال تحديث القوات المسلحة، وكذلك أجرى إصلاحا جذريا لهيكل قوات الأمن الداخلية.

وفي المجال الإداري، قرر مدفيديف العودة إلى انتخاب رؤساء الأقاليم من قبل المواطنين، لكن أهم إصلاحاته في هذا المجال هو أول تعديل دستوري منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، حيث اقترح مدفيديف في أول سنة من حكمه تمديد فترة الولاية الرئاسية من أربعة إلى ستة أعوام، مع زيادة فترة عضوية النواب في مجلس الدوما حتى خمس سنوات.

في الوقت نفسه، أجرى مدفيديف تعديلا أجبر الوزراء على المحاسبة أمام البرلمان بخصوص عملهم.

وتزامنت فترة حكم مدفيديف مع بداية الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009، واتخذت الحكومة الروسية حزمة واسعة من الإجراءات بهدف التصدي لتأثيرها على اقتصاد البلاد.

ولم تحظى بعض هذه الخطوات بشعبية من قبل رجال الأعمال، بما في ذلك زيارة الضرائب في مجال الأعمال وفرض رسوم جمركية جديدة على استيراد السيارات الأجنبية إلى روسيا، وذلك أدى إلى خروج مظاهرات احتجاجية في بعض مناطق البلاد في عامي 2008 و2009.

لكن في مارس 2010 أشار البنك الدولي في تقرير له إلى أن خسائر روسيا جراء الأزمة المالية أقل مما كان متوقعا، وخاصة بفضل تصرفات الحكومة.

وفي مجال التعليم، أدخل مدفيديف في المدارس الامتحان الحكومي الموحد، في خطوة مثيرة للجدل استدعت المعارضة من قبل العديد من المعلمين.

وكان مدفيديف، خلافا لسلفه بوتين، يخاطب المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك "تويتر" و"لايف جورنال".

وفي مجال الأمن الداخلي، ألغت روسيا في أبريل 2009 نظام عملية مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان، ما أصبح نهاية لحرب الشيشان الثانية.

شهدت روسيا في مارس عام 2010 تفجيرين دمويين في أنفاق مترو موسكو، أسفرا عن مقتل 41 شخصا وإصابة 88 آخرين، في ضربة موجعة جديدة للإرهاب ضد الاتحاد الروسي.

وعلى الصعيد الدولي، ظهرت في تلك السنوات البوادر الأولى لأزمة العلاقات العميقة التي ستندلع بين موسكو والغرب بعد انتهاء فترة مدفيديف الرئاسية.

وفي أغسطس 2008، تعرضت موسكو لانتقادات قوية من قبل الغرب في ظل موقفها إزاء حرب أوسيتيا الجنوبية، حيث حاولت جورجيا إحكام السيطرة على الجمهورية المعلنة من جانب واحد.

واتخذ مدفيديف موقفا حاسما إزاء هذه الأزمة، وقرر، بعد مقتل عدد من عناصر حفظ السلام الروس جراء القصف الجورجي، إدخال القوات الروسية إلى المنطقة، ما منع القوات الجورجية من الاستيلاء على الجمهورية المعلنة ذاتيا، وأسفر عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين موسكو وتبليسي.

ووصفت العديد من دول الغرب تصرفات روسيا بأنها "عدوان عسكري"، حيث قالت وسائل إعلام غربية إن موسكو تدخلت عسكريا في جورجيا، الأمر الذي سيتكرر بعد سنوات قليلة على خلفية أحداث أوكرانيا.

وتصاعدت حدة التوتر أكثر فأكثر بين موسكو وواشنطن في تلك السنوات، حيث توعد مدفيديف الولايات المتحدة في عام 2008 بنشر منظومات صواريخ قصيرة المدى "إسكندر" في مقاطعة كالينينغراد في أقصى غرب البلاد، على خلفية نشر أمريكا درعها الصاروخية في أوروبا الشرقية.

بالرغم من هذه الخلافات، وقّع مدفيديف ونظيره الأمريكي باراك أوباما، في أبريل عام 2010، على معاهدة ستارت الجديدة بخصوص تقليص الترسانات النووية العسكرية، الاتفاقية التي كان من المتوقع أن تشكل حجر الأساس لنظام الأمن الدولي.

وفي مارس 2011، تعرض مدفيديف لانتقادات شديدة في روسيا، ولا سيما من قبل رئيس وزرائه بوتين، بعد أن امتنعت روسيا عن استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار سمح لحلف الناتو بالتدخل عسكريا في ليبيا.

وفي تقييم فترة مدفيديف الرئاسية، يعتبر المراقبون أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أجراها لم تؤت غالبا بالنتائج المتوقعة، بينما كانت النجاحات المعلنة كثيرا ما سطحية ولم تنعكس واقع الأوضاع في البلاد، حيث لا تزال المشاكل الاجتماعية ملحة جدا، وخاصة في الأقاليم.

ويوضح المراقبون أن أهم المشاكل الاقتصادية التي كانت الحكومة تواجهها، وهو اعتماد اقتصاد البلاد على صادرات النفط والغاز، لم تحل، مقرين في الوقت نفسه بأن مدفيديف تولى مقاليد الحكم عند أبواب الأزمة الاقتصادية العالمية واستطاع الحد من الأضرار جراءها أثناء سنوات حكمه، لكن أسوأ تداعيات الأزمة استهدفت روسيا بعد أن أنهى  مدفيديف فترة حكمه.

وعلى الصعيد الدولي، اقتربت روسيا في عهد مدفيديف من أزمة العلاقات مع الغرب والتي اندلعت في العقد الثاني من القرن العشرين، لكن تلك العلاقات لم تتدهور في عهد حكمه  إلى مستوى مواجهة دبلوماسية مباشرة، ما حصل بعد عودة فلاديمير بوتين إلى الحكم في عام 2012.

المصدر: RT

نادر عبد الرؤوف

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا